السبت، 9 فبراير 2013

التفاصيل الكاملة لأجواء الجلسة الاخيرة من محاكمة القرن

العادلي: يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة
 المظاهرات اندلعت بسبب تردي الاقتصاد وتفشي البطالة وحققت ثورة بالفعل

حسنى مبارك فى القفص
بعد جلسة ختامية ساخنة اكتفى فيها مبارك برسالة مكتوبة سلمها دفاعه إلى القاضي، وبعد مرافعة مطولة من وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي عن نفسه استمرت على مدى ساعتين يعكف المستشار أحمد رفعت قاض محاكمة القرن مائة يوم عبارة عن 3 أشهر و10 أيام لدراسة أوراق قضية قتل المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير (كانون الثاني) قبل أن ينطق بحكمه يوم 2 يونيو (حزيران) القادم، في موعد قريب من موعد اقتراع المصريين في انتخابات الرئاسة. وعاد مبارك إلى محبسه في المركز الطبي العالمي بعد أن أرفق رفعت تقرير لجنة تقصي الحقائق حول مدى استعداد مستشفى السجن لاستقبال مبارك، والذي رفعه النائب العام لهيئة المحكمة أمس، إلى أوراق الدعوى، محذرا المحامين من تناول القضية إعلاميا حتى النطق بالحكم في جلسة علنية.
وبدأت الجلسة في مناخ مشحون ومحتقن بين المحامين الممثلين للادعاء المدني ومحامي المتهمين، حيث هاجم بعض المدعين بالحق المدني رئيس وفد المحامين الكويتي المتطوع للدفاع عن مبارك أثناء دخوله قاعة المحكمة، وطالبه بألا يدافع عن مبارك، فرد العتيبي قائلا: «المحامون زملاء ويؤدون رسالة واحدة»، في حين اعترض المتطوعون المدافعون عن مبارك على كلام المدعين بالحق المدني. 
وأثناء دخول المتهمين القفص وقبل أن تبدأ الجلسة بدقائق قام أحد المدعين بالحق المدني ويدعى السيد حامد بتوجيه كلمة إلى المتهمين قال لهم فيها «إن دماء الشهداء ستظل في أعناقكم وإن الشعب المصري والمصريين لن يسامحوكم على ما ارتكبتموه في حقه»، فثار محامو المتهمين وقاطعوه قائلين «الكاميرات خارج القاعة وهذا الكلام تقوله لهم»، فهتف المدعون بالحق المدني «القصاص القصاص.. قتلوا إخوانا بالرصاص». 
ومع بداية الجلسة قدم المستشار مصطفى سليمان المحامي العام الأول لنيابة استئناف القاهرة خطابا إلى رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت مقدما من النائب العام المستشار عبد المجيد محمود بناء على التقرير المرسل من رئيس مجلس الشعب الدكتور سعد الكتاتني، ويضم تقرير لجنة الصحة بالمجلس عن صلاحية مستشفى سجن مزرعة طرة لاستقبال المتهم الأول في القضية الرئيس السابق حسني مبارك. 
وقال سليمان: إنه حسب الخطاب المرسل فإن النائب العام يرفع إلى رئيس المحكمة التقرير ونتائجه وتوصياته لتتخذ ما تراه مناسبا من قرارات بهذا الشأن. 
وقبل أن تباشر المحكمة الاستماع إلى أقوال أول المتهمين في القضية ثار خلاف بين المحامين بسبب قيام أحد المدعين بالحق المدني وهو عبد العزيز عامر صاحب دعوى رد القاضي عن نظر القضية، والتي سبق أن تم رفضها بطلب توضيح بأن الدعوى كانت بمشاركة آخرين، فثار المدعون بالحق المدني ضده وثار محامو المتهمين بسبب تشويشه على القاعة، مما دفع رئيس المحكمة لرفع الجلسة لعودة الهدوء مرة أخرى بعد أقل من نصف ساعة من بدايتها. 
وعند استئناف الجلسة بعد أكثر من ساعة من رفعها تلا القاضي رفعت طلبا من 15 محاميا مدعيا بالحق المدني لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد المحامي عبد العزيز عامر، خاصة أنه لا يمثل أسر الشهداء والضحايا، مما دفع القاضي لاتخاذ قرار بإخراجه من قاعة المحكمة، واضطر لرفع الجلسة مرة أخرى بسبب رفض المحامي لتنفيذ القرار، وسط شكوك أبداها المحامين حول حقيقة موقف عامر. 
وبعد أقل من نصف ساعة عادت المحكمة للانعقاد بعد تدخل المحامين لإخراج المحامي المذكور، إلا أن نقيب المحامين سامح عاشور قال للمحكمة فور بدء الجلسة مرة أخرى إنه كان يتمنى أن يحال أمر المحامي لنقابة المحامين، خاصة أن المادة 59 من قانون المحاماة تمنع إخراج المحامي من جلسة المحاكمة، ما دعا القاعة للتصفيق. 
وقام محامي مبارك بالتعليق على رد النيابة على دفاع المتهمين، واستهلها بالاعتراض على الطلب المقدم من النيابة للمحكمة بناء على خطاب مجلس الشعب بنقل مبارك إلى مستشفى سجن طرة، وقال: «كنت أتمنى أن يعيد النائب العام طلب رئيس مجلس الشعب إلى مصدره لأن المحكمة هي التي أصدرت قرارا بالتحفظ على مبارك في أول جلسة لها يوم 3 أغسطس (آب) الماضي، في المركز الطبي العالمي وهذا من إطلاقات المحكمة وما حدث من السلطة التشريعية تدخل في شؤون السلطة القضائية». 
وقدم فريد الديب خطابا إلى المحكمة يحوي كلمة من مبارك إلى رئيس المحكمة القاضي أحمد رفعت، وقال: إن الخطاب ختمه مبارك ببيت شعر قال فيه «بلادي وإن جارت علي عزيزة.. وأهلي ولو ضنوا علي كرام». 
ودخل الديب في حالة من الشد والجذب مع المستشار مصطفى سليمان ممثل النيابة حيث اعترض الديب على قول سليمان في مرافعته يوم الاثنين الماضي على بعض محامي المتهمين بأنهم «جهال في القانون»، فرد المستشار سليمان بأن هذا تزييف للكلام عن مواضعه، خاصة أن الديب لم يكن حاضرا. 
واعترض المستشار مصطفى سليمان على كلام الديب وقال: إنه ليس من حقه الحديث عن تقرير النائب العام المرسل للمحكمة، لأن هذا تدخل سافر في شؤون القضاء لا يقبلون به، فصفق له المدعون بالحق المدني، وقال: إن النيابة قدمت الخطاب للمحكمة لاتخاذ القرار المناسب كما تراه. 
وبعد أن استمعت المحكمة إلى كلمة مطولة من المتهم الخامس حبيب العادلي استمعت المحكمة إلى كلمة لمدة ساعة من المتهم السادس اللواء أحمد رمزي الذي أوضح فيها دور قوات الأمن المركزي أثناء المظاهرات ثم قدم محاميه مذكرات عنه، كما استمعت المحكمة لكلمة من المتهم السابع عدلي فايد الذي أكد فيها أن مهامه كرئيس للأمن العام كانت مكتبية وإشرافية ورقابية لا علاقة له بميدان التحرير. 
 
العادلي: المظاهرات اندلعت بسبب تردي الاقتصاد وتفشي البطالة وحققت ثورة بالفعل
تحققت تكهنات مراقبي محاكمة القرن واستخدم المتهم الخامس حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، في قضية قتل المتظاهرين، التي يحاكم فيها الرئيس المصري السابق حسني مبارك بصفته المتهم الأول، حقه في التعقيب النهائي على المرافعات في الجلسة الختامية التي تسبق جلسة النطق بالحكم.
واستهل العادلي الذي لوحظ تسجيله كثيرا من الملاحظات خلال الجلسات السابقة جميعها، حديثه للقاضي أحمد رفعت الذي استغرق نحو الساعتين بترديده: «سبحان الله وبحمده.. سبحان الله العظيم»، وتلا قول الله تعالي: «تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير»، وأعقبه بآية: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين». 
وأقسم العادلي أمام هيئة المحكمة، أن ما يقوله هو الحق، وليس التنصل من الجريمة، وسرد الأحداث منذ بدياتها، وقال إن الأجهزة الأمنية توصلت إلى أن مظاهرات ستخرج يوم 25 يناير (كانون الثاني) قبل الماضي، وأن لديها معلومات أن المظاهرات ستكون سلمية، فأخطر رئيس الجمهورية (مبارك حينها) ومجلس الوزراء (الدكتور أحمد نظيف) بها، وعقد اجتماعا بتكليف من مبارك لدراسة الأحداث، واتفق الجميع على قطع الاتصالات التليفونية لتأمين المظاهرات بالشكل المطلوب. 
وأنكر العادلي الاتهام الموجه له بقطع الاتصالات، والتسبب في إنهاك قوات الشرطة، مؤكدا أن الأجهزة الأمنية تجري اتصالاتها عبر شبكة لاسلكي مؤمنة جيدا، مشيرا إلى أن استخدام التليفون في وزارة الداخلية أمر محظور. وأن هذا القرار جاء للحد من توجه المتظاهرين ناحية ميدان التحرير، نتيجة لوجود عدد من المنشآت الحيوية المحيطة به، وكذلك حرصا على أرواح المتظاهرين. 
وأشار العادلي إلى أنه دعا إلى اجتماع آخر يومي 24 و27 يناير من العام نفسه (2011)، ليتم استعراض المعلومات والقدرات في مواجهة المظاهرات، وأنه أصدر تعليمات صريحة بعدم استخدام الأسلحة النارية إلا في حالة التجاوز والدفاع الشرعي عن النفس، وطلب من الضباط عدم الاستجابة لأي استفزازات من قبل المتظاهرين، وذكرهم بالمظاهرة التي حدثت في غضون عامي 2002 - 2003 التي دعت لها جماعة الإخوان المسلمين، والحزب الوطني في الوقت نفسه، اعتراضا على الاحتلال الأميركي للعراق، وتم اختيار استاد القاهرة (بضاحية مدينة نصر شرق القاهرة) حتى يتسع لجميع المتظاهرين، ونجحت من دون خسائر. 
وأضاف العادلي أنه أصدر تعليمات للحد من الحشد إلى ميدان التحرير للحفاظ على الأرواح، ونفى أن يكون قد علم بنية استخدام عناصر مندسة وخارجين عن القانون الأسلحة النارية وزجاجات المولوتوف في التعدي على رجال الشرطة، وقيام بعض العناصر الأجنبية باقتحام السجون وتهريب المسجونين، وأن جميع الأجهزة المعلوماتية في الدولة فاجأها هذا الأمر، لأن هذه المظاهرات بدأت سلمية للتعبير عن تردي الأوضاع الاقتصادية والصحية والتنديد بتفشي البطالة، وأضاف العادلي أن هذه المظاهرات قد حققت ثورة بالفعل لم يكن لها قائد. 
وواصل العادلي كلامه أمام المحكمة قائلا، إنه لم يكن يتوانى في إحالة رجال الشرطة المتهمين للنيابة، وتساءل: «إذا كان الضباط أطلقوا النار بالفعل، فكيف لم يتم ضبط شرطي واحد متلبسا؟ ولا أنكر أن هناك ضباطا استخدموا سلاحهم الشخصي بشكل فردي، وأن ما حدث مخطط خارجي للنيل من مصر». 
وأضاف العادلي أن سر العداء المستحكم بين الشعب والشرطة هو مخالفة بعض الخارجين عن القانون وعتاة الإجرام نصوص القانون، وأن «رجل الشرطة فرد من أفراد الوطن، وعلمناه أن يحترم حقوق الإنسان ويعمل لخدمة المجتمع». وتحدث العادلي عن الوضع الأمني منذ توليه منصب وزير الداخلية، وقال إنه استطاع القضاء على البؤر الإرهابية التي كانت تهدد أمن الوطن، وحدث بعدها نمو اقتصادي ملحوظ، وأنه اعتمد خطة للتعامل مع التطرف الديني لنبذ العنف بالدعوة للحوار، وأنه تم عمل مراجعات فكرية صحيحة من قبل قيادات الجماعات الإسلامية، وأنه تدخل لوقف حكم الإعدام الصادر ضد 4 من هذه القيادات، وأنه تحقق «الكثير من الإنجازات»، ومواجهة تجار المخدرات، «مما يدل على أن الفكر الأمني كان يتمثل في الصبر والاستيعاب وليس العنف». وتطرق العادلي في كلامه إلى الحركات السياسية المطالبة بالتغيير منذ عام 2005 والتنديد بما يسمي «التوريث»، وتعيين نائب لرئيس الجمهورية، وقال إن رقعة المظاهرات توسعت بعد انتخابات مجلسي الشعب والشورى، واستشهد بكلام المستشار محمد عبد العزيز الجندي، وزير العدل السابق، بأن هناك عناصر أجنبية تعمل لإشاعة الفوضى وزعزعة الأمن. 
ثم وجه العادلي الشكر لمن سماهم «رجال الشرطة الشرفاء»، وقال: «استمروا في نفس الطريق الذي تسيرون فيه، واحرصوا على أن تظلوا كما أنتم». وأشاد العادلي بالجيش، وقال إنه قام بدور عظيم، واستطاع أن يحقن الدماء ويحمي الشعب. وقدم وزير الداخلية الأسبق المتهم بقتل متظاهري الثورة العزاء لأسر الشهداء، مما آثار المدعين بالحق المدني، رافضين أن يتقدم من وصفوه بالجلاد بالعزاء لضحاياه. 
 
عاد صوت الرئيس السابق حسني مبارك الخافت يتردد بصعوبة بين جدران قاعة محاكمته بتهم قتل المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير، وتحدث مبارك للمرة الثانية منذ بدء المحاكمة منذ أكثر من ستة أشهر أثناء جلسة أمس (الأربعاء) وهي الأخيرة قبل النطق بالحكم في القضية التي يطلق عليها الإعلام في مصر «محاكمة القرن».
وخاطب المستشار أحمد رفعت، قاضي محاكمة القرن الذي ينهي بهذه القضية حياته المهنية داخل المحاكم، مبارك قائلا: «النيابة العامة ترافعت والدفاع أيضا ومن حق كل متهم أن يبدي ما يراه، واسمعني جيدا، فهذه طبيعتي على مدار 20 عاما؛ لا فرق عندي بين أحد والجميع سواسية أمام القانون.. هل لديك ما تقوله أو تريد أن تضيفه؟»، فأجاب مبارك بكلمات مقتضبة كما فعل في بداية المحاكمة في جلستها الأولى حين رد على رفعت في الثالث من أغسطس الماضي: «أنا موجود.. وأنكر التهم الموجهة إلي تماما جميعا». 
وعاد بالأمس صوت مبارك مرة أخرى من على سريره الطبي الذي لازمه طوال فترة المحاكمة مخاطبا رفعت مرة أخرى ردا على سؤاله، وقال باقتضاب: «سأكتفي بما يقوله الأستاذ فريد»، وأرسل مبارك إلى رئيس المحكمة عبر محاميه، رسالة ختمها ببيت شعر دفاعا عن نفسه، وهو بيت احتار نقاد ال
أدب في نسبه لشاعر بعينه ويقول: «بلادي وإن جارت علي عزيزة.. وأهلي وإن ضنوا علي كرام». وينتظر مبارك حكما بحقه يصدره رفعت في الثاني من يونيو (حزيران) المقبل، وتردد إلى جانب صوت مبارك بالأمس صوت ابنيه جمال وعلاء اللذين لم يختلفا عن والدهما، ونادت المحكمة عليهما كل على حدة، وسألتهما ذات السؤال الذي وُجه إلى مبارك، فأجاب الاثنان بنفس الجملة «شكرا سيادة الرئيس وأكتفي بما قاله الأستاذ فريد الديب». 
                                                                                                     محامون بلاقيود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق